الرئيسية / كرة قدم محلية / الشهيد عاهد زقوت لاعباً ومدرباً وإعلامياً

الشهيد عاهد زقوت لاعباً ومدرباً وإعلامياً

كتبمفايز نصار- 18/7/2022- تعجز الكلمات عن إنصاف الشهداء، الذين تقدموا الصفوف، وسقطوا كرمال عيون الوطن الغالي ، ويجمع الخيرون على كون شهداء الحركة الرياضية هم صفوة المناضلين ، والأكرم منا جميعا عند ربّ العالمين !

   وتميزت فلسطين دون غيرها بتقديم قوافل الشهداء الرياضيين، الذين لهم في رقبة كلّ حرّ يد سلفت، وديّنٌّ مستحق ، بما يقتضي تذكر هؤلاء ، بإطلاق أسمائهم على الفعاليات الرياضية، والمنشآت الشبابية، حتى نساهم في تخليدهم، باعتبارهم النموذج الوطني، الذي لا يجارى.

  ويقف الشهيد عاهد زقوت في مقدمة النجوم ، الذي ارتقوا شهداء في معارك الدفاع عن ثرى الوطن المفدى، ليصبح الرجل الطيب بين صفوة الشهداء ، كما كان يوماً بين صفوة أبطال الملاعب.

  وكانت موهبة الشهيد زقوت تفتحت في بيت العميد الغزيّ ، وظهر مع طلائع النجوم المبدعين ، الذين تقدموا الجيل الثاني للقلعة الساحلية البيضاء ، قبل أن يلعب لفترة من الزمن مع فريقي فلسطين ، وأهلي غزة ، حيث صال وجال بين ملاعب الوطن ، وساهم في تقديم وجبات كروية رائعة ، أمتعت الجماهير الذواقة من رفح حتى جنين .

  ولعب أبو عفيف ضمن منتخب فلسطين الأول ، الذي دشن العهدة الرياضية الفلسطينية الجديدة ، في لقاء شرفي جمع منتخب فلسطين بقدامى فرنسا ، ليكون بعد ذلك في مقدمة نجوم التعزيز مع الفرق الغزية ، التي مثلت فلسطين .

  وظهر الشهيد البطل كمدرب يشار إليه بالبنان ، وساهم في ظهور فريق الهلال، الذي ملأ الدنيا ، وشغل الناس مطلع هذا القرن ، ليضيف إلى أمجاده صفحة أكثر إشراقا ، من خلال عمله في الإعلام الرياضي ، وظهوره في تغطية المباريات المحلية ، والدولية ، من خلال عمله في  تلفزيون فلسطين الأرضي ، وقناة الكتاب.

  وارتقى البطل عاهد زقوت شهيداً ، في قصف عدوانيّ ، نفذته الطائرات الحربية ، التي استهدفت شقته السكنية في برج المجمع الإيطالي ،  بحي النصر ، في مدينة غزة .

  ولد الشهيد عاهد عفيف يوسف زقوت ” أبو عفيف ” في يوم 24/9/1964 ، من أسره فلسطينية ، هاجرت من مدينة المجدل المحتلة ، وينتسب لعائله مناضلة له في كل مجال مكرمة .. وبعد وفاة والده رحمه الله نشأ يتيماً عصامياً ، فأكملت أجمل الأمهات تربيته ، وغرست فيه حبّ الوطن ، والاعتماد على النفس ، ليرتقي شهيداً يوم 30/7/2014 ، في جريمة تضاف إلى جرائم الاحتلال ، بما جعل الخيرين  يلمحون في دماه معالم فجر فلسطيني قادم ، طالما حلم به أيقونة الملاعب ! 

  وبدأ البطل الغزيّ  حياته الرياضية مع فريق مدرسة الزيتون الإعدادية ، وذلك بإشراف الأستاذ شحدة أبو عفش ، ثم في مدرسة فلسطين الثانوية ، بإشراف الأستاذ عبد الله حتحت ، والكلّ يعلم الدور الطلائعي لمدرسة فلسطين في صقل ندوم كرة القدم في تلك الفترة   .

  وتزامناً مع تألقه في البطولات المدرسية ، كان للشهيد عاهد حكاية مع فرق الساحات الشعبية ، حيث لمع نجمه مع فريق (ليمو) ، التابع لحارة بلبل ، وهناك اكتشفه المرحوم فائق الحناوي ، الذي كان أحد عمالقة غزة الرياضي ، وحرس مرمى منتخب فلسطين في الستينات والسبعينات ، مع النجم الكبير مروان كنفاني  ، وضمه لنادي غزة الرياضي ، وكان رحمه الله يعتبر المرحوم الحناوي الأب الروحي له !

 ومع العميد تألق البطل المجدلاويّ ، وكان من خيرة نجوم زمانه ، مستفيداً من توجيهات المدربين الرواد ، الذين كان لهم الفضل عليه ، ومنهم الكباتن فائق الحناوي ، وسعيد الحسيني ، وزكريا مهدي ، وإسماعيل مطر ، وناجي عجور ، واسماعيل المصري ، وغسان البلعاوي.

  وبرز المرحوم عاهد في مركز الوسط  الهجومي ، وكان من أفضل الذين شغلوا هذا المركز على مستوى فلسطين ، وظهرت جهوده في الأيام الذهبية لنادي غزة الرياضي ، قبل أن يلعب لموسم واحد في نادي فلسطين ، ولموسم آخر مع الغريم الأهلي .

  وبفضل موهبته ونبوغه كان أبو عفيف من اللاعبين الذين ينسجمون مع الزملاء بسرعة ، ولكنّ التفاهم والتناغم كان أكثر مع الكباتن ماجد هنية ، ونضال بدارو ، وإياد سيسالم.

  وامتدت قصة الشهيد زقوت مع الرياضي منذ بداية الثمانينات ، حيث ظهر بشكل مميز في موسم التألق 1981 /1982 ، وكان أحد نجوم الفريق المبدعين ، وشارك مع نادي غزة الرياضي في بطولة الوحدات  العربية سنة 1987 ، ثم في بطولة الرمثا سنة 1993 ، قبل أن يعزز صفوف الزعيم شباب رفح ، في بطولة الأندية العربية أبطال الدوري ، التي نظمها نادي الهلال السعودي سنة 1994 ، ناهيك عن لعبه مع  نادي فلسطين في بطولة الجلوس الملكي بالأردن عام 1998 ، والتي نظمت في ضيافة النادي الفيصلي.

  وخلال مسيرته الرياضية ، حقق شهيد الملاعب مع نادي غزة الرياضي بطولة كأس قطاع غزة عام 1994، وفاز بكأس البطولة الرمضانية مع نادي فلسطين عام 1996 ، وتم اختياره أكثر من مرة ضمن أفضل تشكيلة في نهائيات الدوري قبل قدوم السلطة ، ولكنّه – مثل كثير من أبناء جيله – لم تنظم له مباراة اعتزال، ليكون التكريم الأهم ، بالتحاقه بكوكبة الشهداء ، الذين هم عند ربهم يرزقون!

 والتحق الشهيد عاهد بالأكاديمية المصرية ، حيث شارك في دورة تدريب متقدمة، نظمت في ستاد القاهرة الدولي ، وذلك بحضور عدد من مدربي الدوري المصري الممتاز ، وبأشراف  أفضل المدربين  المصريين ، بما ساعده على تدريب كثير من الفرق والمنتخبات ، حيث تميز بأسلوب راق في التعامل مع اللاعبين ، لأنّه – كلاعب سابق – يفهم نفسياتهم ، ويعرف طريقة تفكيرهم ، فكان صديقاً ، وأخاً لجميع اللاعبين ، الذي أشرف عليهم .

  وفي المجال التدريبي كان للشهيد عاهد دور كبير مع نادي الهلال الرياضي ، الذي بدأ مع فريقه الثاني ، ووصل معه المباراة النهائية لمدينة غزة ، ومن هذا الفريق صعد عدد من اللاعبين للفريق الأول ، الذي أشرف عليه المرحوم بعد عام ، وصعد به إلى الدرجة الممتازة سنة 2005 ، لتصل بصمات المرحوم التدريبية إلى المنتخبات الوطنية ، حيث تولى الشهيد تدريب منتخب الناشئين ، وحصل معه على المركز الأول في بطولة السلام الدولية بالنرويج عام 2000 ، إضافة إلي إشرافه على تدريب أندية الهلال ، وغزة الرياضي ، واتحاد الشجاعية ، وخدمات الشاطئ ،  والمشتل.

  وسبق الشهيد عاهد غيه في إنشاء مدرسة كروية للناشئين ، حيث أسس من خلال نادي الهلال أول مدرسة لكرة على مستوى فلسطين ، وذلك سنة 2003 ، وبالتعاون مع الكابتن اياد سيسالم ، ووصلت المدرسة يومها الى مكانة مرموقة ، وأصبحت حديث الوسط الرياضي ، وحققت إقبالاً كبيراً.

  وتحفل قصة شهيد كرة القدم بذكريات خالدة ، كتبت حروفها مع رفاق الزمن الجميل، الذين زاملوه في الملاعب ، حيث كانت له علاقات اجتماعية ورياضية متعددة، وهناك أصدقاء كثر لا يمكن ذكرهم بالكامل هنا، فجميع من عرف الرجل أحبه، ومن هؤلاء على سبيل الذكر، وليس الحصر، ماجد هنية، وغسان البلعاوي، وابراهيم أبو الشيخ، ومروان شنيورة، وسعيد خيال، وابراهيم مدوخ، ويونس الداية، ونادر الشرفا ، وماهر سكيك ، وسمير زين الدين ، واسماعيل المصري.

   وكان الشهيد عاهد من المعجبين بالكابتن غسان البلعاوي محليا ، وبنجم الزمالك فارق جعفر عربيا ، وبالأرجنتيني الراحل مارادونا عالميا.

  وعمل الفقيد زقوت في مجال الإعلام الرياضي ، وعين نائباً لمدير دائرة البرامج الرياضة ، في قناة فلسطين الفضائية  ، في الفترة من عام 1999 حتى 2007، ثم عمل محللاً فنياً لبرنامج خط الوسط في قناة الكتاب الفضائية.

   وكان الشهيد من النجوم ، الذي فرضوا تواجدهم على أعمدة الصحافة ، وكان يتصدر الصحف بعد كل مباراة ، من خلال صور التألق ، وكلمات الإشادة ، التي تتغنى بعطائه الكبير ، ومستواه الراقي ، وجديته في العمل  ، مع التركيز على كونه مايسترو خط الوسط ، وأفضل من يصنع الأهداف .. وقد نظمت  للشهيد عدة دورات رياضيه ،  وبطولات كثيرة ، وتمت تسمية كأس فلسطين في قطاع غزه باسمه .

  وفرض بطل الملاعب نفسه على جميع من عم معهم ، وكانت له علاقته  محبة مع المرحوم سعيد الحسيني ، الذي كان يعتبره أحد أبنائه ..ولا تنسى الأسرة الرياضية الفلسطينية يوم لعب الشهيد عاهد سنة 1984 أمام منتخب الفدرالية العمالية الفرنسية ، حيث قاد الرياضي للفوز بنتيجة خمسة أهداف نظيفة ، حيث صنع بطلنا العديد من الأهداف ، وحقق الهدف الأهم برفعه العلم الفلسطيني لأول مرة في ملعب اليرموك سط هتاف غير مسبوق من الجمهور الغفير ، .

 وبعد ارتقاء الشهيد أبو عفيف أفردت الصحف المحلية والدولية مساحات واسعة للحديث عن مكارمه الرياضية والإعلامية ، ومما كتبه الصحفي أسامة فلفل عن الفقيد : “عندما يرحل الأبطال ، الذين نذروا أرواحهم رخيصة للوطن العزيز، تبقى ذكراهم تعطر ربوع الوطن ” .. مضيفاً : ” في يوم الرحيل الأسود ، غاب بطل رياضي فلسطيني ، صقلته التجربة الرياضية والوطنية ، وعرفته ساحات الوطن ، وميادينه الرياضية بالعطاء ، والتضحية الصامتة ” .

   وبعد ارتقاء الشهيد أبي عفيف تلقى رئيس رابطة الصحافيين الرياضيين يومها ، الاستاذ حسين عليان برقية من أمين سر الاتحادين الآسيوي والايراني للإعلام الرياضي ، الدكتور سيد أحمدى نعى فيها الشهيد عاهد زقوت ، وقال سيد أحمدي : إنّ الاتحاد الآسيوي للإعلام الرياضي يُدين الانتهاكات  ، التي تمارس بحق الاعلاميين الفلسطينيين ، وإنّ الاتحاد الآسيوي سيعمل مع الاتحادات الدولية للضغط على دولة الاحتلال ، لوقف عدوانها على فلسطين .

  كما كتب رفيق الشهيد ، الأستاذ هشام ساق الله عن المرحوم : ” لا زلنا نذكرك في كل المناسبات ، لازلت حاضر بيننا نترحم عليك دائما ، ولا زالت سيرتك عطره ، يفوح منها رائحة المسك والعنبر ، لازلت فينا صديقاً ، وحبيباً ، وأخاً ” .

  ومن أطرف ما روى صديق المرحوم ساق الله عن الشهيد : ” لا أنسى المقلب ، الذي عملناه به ، حين جاءه ابنه البكر عفيف ، حيث كتبت تهنئه له في صحيفة المنار المقدسية ، التي كان يعمل معها مكتب أطلس للتوثيق والإعلام ، والذي كنت ضمن أسرته في ذلك الوقت ، ويومها هنأنا ابنته البكر سهاد ، ووالدته ، واشقائه عاطف ، وحازم ، وزوجته ، وأصدقاءه ، وكل الأسرة الكريمة ، ثم كتبنا اسم عاهد آخر واحد ، رغم أنّه أبو العريس عفيف … يومها جاء المرحوم إلى المكتب غاضباً ، محتجاً على  كونه آخر من تمت تهنئته ، رغم أنّه أبو الولد .. يومها ضحكنا كثيراً ..فقد كان عاهد أحب الأصدقاء إلى قلوبنا جميعا .

  ومن المواقف الطريفة ، التي حدثت خلال مسيرة الشهيد الطويلة في الملاعب ما حدث  سنة 1987 على ملعب المطران بالقدس ، خلال مباراة بين ناديي غزة الرياضي ، وسلوان المقدسي .. فبينما كان الرياضي متقدما بثلاثة اهداف لصفر ، أصيب الشهيد عاهد إصابة قوية في الرأس ، فأجريت له الاسعافات الأولية ، وتم قطب رأسه ، ولفه بالشاش ، مع تعرضه لفقد مؤقت للذاكرة ، ولكنه أكمل الشوط الأول ، وهو لا يعلم مع من يلعب ، ولا نتيجة المباراة ، ولا حتى اتجاه مرمى المنافس ، وكان كل دقيقة يسأل رفاقه عن الفريق ، وخاصة الكابتن إبراهيم مدوخ ، الذي كان يذكره بمعلومات عن المباراة .. وخرج الشهيد بين الشوطين ، واستطاع نادي سلوان تعديل النتيجة ، وانتهت المباراة بالتعادل بثلاثة أهداف لمثلهما ، واحتفظ نادي غزة الرياضي بالكأس ، وحمل الشهيد الكأس ، وهو لا يعلم لماذا ؟ ومع من كانت المباراة ؟ ولم تعد له الذاكرة ، إلا بعد ثلاثة أيام !

شاهد أيضاً

الأهلي x شباب رفح.. التعويض ومواصلة الانتصارات

غزة/ إبراهيم أبو شعر (صحيفة فلسطين) 7/10/2023- سيكون الأهلي وشباب رفح أمام مهمة صعبة في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *