الرئيسية / أخبار النجوم / عزمي نصار واضع أسس منتخب فلسطين الحديث

عزمي نصار واضع أسس منتخب فلسطين الحديث

الخليل/فايز نصار- 28/7/2021- منذ إعادة تشكيل المنتخب الفلسطيني الحديث تعاقب على تدريب الفدائي مجموعة من المدربين، الذين تولوا العارضة الفنية للمنتخب، وساهموا بشكل متفاوت في تقدم ورفعة المنتخب، الذي شق طريقه تدريجياً في الملاعب الاقليمية والدولية.

   ولا يختلف اثنان في كون أفضل من ترك بصمات تدريبية مع المنتخب الراحلين ريكاردو، وعزت حمزة ، ومعهما جمال محمود، وعبد الناصر بركات، دون أن ننسى المدرب الراحل عزمي نصّار، الذي انتصر لهويته الكروية الفلسطينية، وعبر الخط الأخضر ليساهم في المشروع الرياضي الفلسطيني ، الذي يمثل ركناً هاماً في مشروعنا الوطني الكبير.

  وبدأت خطوات أبي ريمون الكروية الأولى في أزقة وشوارع الناصرة ، قبل أن يشق طريقه في العديد من الأندية داخل الخط الأخضر، فارضاً نفسه كواحد من أفضل مهاجمي دوري الداخل، بما ساهم في ضمه للمنتخب، الذي لم تطل قصته معه، لأسباب معروفة للجميع.

  وترك عزمي نصّار بصمات أكثر أهمية في مجال التدريب، محققاً العديد من الإنجازات الكرويّة في دوري الداخل، ومساهماً في النهوض الفنيّ للمنتخب الوطني، الذي قاده لصعود منصة التتويج في عمّان سنة 1999، بحصوله مع الفدائي على برونزية العرب.

   ويتفق من عرفوا الراحل نصّار على قوة شخصيته ، وتفانيه في العمل، وصرامته في تطبيق القوانين، والتزامه العادل تجاه الجميع، لأن انتماءه لفلسطين كان يتقدم على كلّ الحسابات الأخرى.

   ولم يكن عزمي فلسطين يهتم بنجومية زيد أو عبيد، لدرجة أن أحد نجوم المنتخب بكى يوما لأنّ نصّار طلب منه الاحماء، دون أن يشركه في المباراة، فقال له المدرب الراحل: مع أيّ منتخب قمت بالتسخين، فرد اللاعب: مع منتخب فلسطين، فقال له: اذهب فقد سجل التاريخ أنك لعبت لمنتخب فلسطين.

   وكنت عرفت المدرب عزمي نصّار عن قرب، من نافذة عملي كمراسل رياضي لإذاعة لندن، حيث كنت أذكره كثيراً كلاعب ومدرب، وعرفته أكثر خلال الدورة العربية بعمّان .. ولكنّ تشابه اسم عائلته مع اسم عائلتي جلب ليّ بعض المتاعب، ومن ذلك عندما أخبر أحد طلبة الجامعة ابني أن أباه توفي، ويعلم الله ماذا حصل يومها مع وئام .. كما أنّ الصحفي الجزائري مسعود قادري سأل أحد الصحفيين الفلسطينيين في السعودية يوماً عن فايز نصار : فقال له : رحمه الله ، ومن حسن الحظ أنّ محمد قدري حسن تواجد في المكان، وصحح الموقف .

  والحق يقال : إنّ قصة الراحل نصّار مع الكرة، وصراعه مع المعرض تصلح لتكون قصة من دفتر الأمجاد الفلسطينية، واقترح تحويل حكاية أبي ريمون إلى فيلم، لأنّه يمثل عينة من النبوغ الفلسطيني، الذي يتجاوز كلّ الصعوبات.

– ولد المدرب الراحل عزمي نصار “أبو ريمون”  يوم 3/10/1957 في الناصرة .. وهو مدرب عربي حصل على أعلى شهادات التدريب الأوروبية، وكان شديد الاعتزاز بفلسطينيته ، رغم حمله جنسية دولة الاحتلال ، وقد تزوج من روتي نصار، ابنة مدينة بير زيت قرب رام الله.

– ولعب المدرب الراحل الكرة في مدينة الناصرة منذ نعومة اظافره ، ومع الوقت ظهر كمهاجم بارع ، تألق مع فريق اخاء الناصرة بين سنتي 1974، 1982، ثم انتقل إلى هبوعيل حيفا ، الذي لعب معه حتى سنة 1986، مع فترات قصيرة لعب خلالها لأندية اتحاد أبناء سخنين، وشباب الناصرة، وطمرة .

– وبعد تألقه كمهاجم يشار إليه بالبنان، تمّ اختياره للعب ضمن المنتخب الإسرائيلي، ولكنه لم يستمر لأسباب شخصية ، ليواصل التألق مع الأندية التي لعب لها، تاركاً بصمات يقر بها القاصي والداني، وجعلته – مع النجوم رفعت الترك، وزاهي أرملي، ونجوان غريب، وعباس صوان، وشكري العقبي، وهشام الزعبي- من أفضل النجوم العرب في دوري الداخل .

– وجمع المدرب نصّار المجد من أطرافه ، عندما تألق كمدرب متميز، رفع له المتابعون القبعات، وظهرت بصماته التدريبية مع فرق بلدي دالية الكرمل، ثم مكابي طمرة، فمكابي كفركنا، وصولاً إلى هبوعيل مجد الكروم، محققاً مع جميع الفرق، التي دربها نتائج مؤثرة، وخاصة مع كفركنا ، ودالية الكرمل، الذين ارتقا بهما.

– وظهرت بصمات نصار التدريبية أكثر مع اتحاد أبناء سخنين، الذي أشرف على عارضته الفنية، وصعد معه إلى الدرجة الممتازة، لكنّ ذروة نجاحاته الكروية كانت مع فريق اخاء الناصرة، الذي صعد معه موسم 2002/2003 لبطولة الدرجة العليا – الأقوى في دولة الاحتلال الإسرائيلي – لأول مرة في تاريخ الفريق، إلا أن نصّار أقيل من منصبه، الأمر الذي أدى إلى تضعضع أوضاع الفريق ، وهبوطه مرة أخرى للدرجة الممتازة .

– وكانت محطة عزمي نصّار التدريبية الأهم بعد تعيينه مديراً فنياً لمنتخب فلسطين سنة 1999 خلفاً للأرجنتيني الراحل ريكاردو، فساهم في وضع أسس المنتخب الفلسطيني الحديث، وقاد الفدائي لنتائج باهرة، وخاصة الفوز بالميدالية البرونزية في دورة الألعاب العربية بالأردن، بعد فوزين مهمين على منتخبيّ قطر، والامارات، وتعادلين مع منتخبي سوريا، وليبيا.

– وبعد تركه للمنتخب فترة قصيرة، عاد نصّار لتدريب الفدائيين سنة 2001، ثم ترك المنصب مرة أخرى، قبل أن يعود لمهمته الفلسطينية للمرة الثالثة، محاولاً البروز مع الفدائي في كأس آسيا للعام 2007، ولكن الحظ لم يكن حليفه.

 – وفي مهمته الأولى قاد المرحوم نصّار منتخبنا الوطني في احدى عشرة مباراة ، منها ست مباريات في الدورة العربية التاسعة، وأربع مباريات  في تصفيات كأس أسيا 2000، ومباراة ودية واحدة، وجاءت أهم النتائج في الدورة العربية حيث قاد الفدائيين للفوز على قطر والامارات بالنتيجة نفسها (1- صفر)، وتعادل مع سوريا بهدف لهدف، ومع ليبيا – في مباراة صاخبة – بهدفين لهدفين، مع تسجيل خسارتين أمام المنظم الأردن بهدفين لصفر في دور المجموعات، وبأربعة أهداف لهدف في الدور قبل النهائي.

– وقاد نصار الفدائي في تصفيات كأس أسيا للأمم ، التي لعب فيها منتخبنا أربع مباريات كانت نتائجها قاسية ، حيث خسرنا مع قطر (0/1) ، ومع الأردن (1/5) ، ومع كازاخستان (0/2)، مع تسجيل فوز وحيد على باكستان (2/0) ، ناهيك عن الخسارة ودياً مع الزمالك المصري (1/2).

– وفي مهمته الثالثة على رأس المنتخب سنة 2005، خسرنا في خمس مباريات، ثلاث منها  في دورة التضامن الإسلامي بالسعودية ، وذلك أمام الجزائر (0/3) ، وأمام  السعودية (0/3) ، وأمام  اليمن (1/3) ، لنخسر بعد ذلك مباراتي دورة ألعاب غرب آسيا بقطر أمام  العراق (0/2) ،  وأمام السعودية (0/3) .

– وبعد انتهاء أحدى الجرعات التدريبية بغزة يوم 14 تشرين ثاني 2005    نُقل المرحوم عزمي نصار إلى المستشفى، حيث تبين أنّه مصاب بمرض السرطان، وتمت معالجته على أعلى المستويات، وأجريت له ثلاث عمليات جراحية، بما أدى إلى عدم قدرته على العودة للتدريب .

– وكان اللقاء الأخير للمدرب الراحل مع المنتخب أمام سنغافورة في الأردن، حيث فاجأ الجميع بحضور لقاء الوداع، الذي شهد فوز الفدائي  الوحيد في التصفيات ، ولكن قبل متابعته لقاء المنتخب أمام الصين في الأردن في التصفيات نفسها ظهرت عليه علامات الارهاق، فودع اللاعبين قبل ان يرحل عن هذه الدنيا يوم 26/3/2007.

– ومن أبرز المواقف الإنسانية ، التي أثرت في الجميع، قيام نصار بزيارة المنتخب الوطني خلال تواجده في معسكره في الأردن، بعد شهر من إجرائه أول عملية جراحية، حيث حرص على زيارة اللاعبين وبكى كثيراً عندما ودعهم في طريق عودته إلى الناصرة.

– وفارق المدرب نصار الحياة يوم 26/3/2007 بعد إصابته بورم سرطاني، وفي موكب مهيب شيعت جنازة الفقيد في مسقط رأسه بالناصرة، بحضور الآلاف من محبيه، وعشاق كرة القدم، وأقيم له حفل تأبين حاشد ، كما نظمت للفقيد العديد من الفعاليات التأبينية في أكثر من موقع، عرفاناً بدوره في تقدم ورفعة المنتخب الفدائي.

شاهد أيضاً

الأهلي x شباب رفح.. التعويض ومواصلة الانتصارات

غزة/ إبراهيم أبو شعر (صحيفة فلسطين) 7/10/2023- سيكون الأهلي وشباب رفح أمام مهمة صعبة في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *