الرئيسية / الكتاب والمقالات / لا تهرب وتذكر الدرس

لا تهرب وتذكر الدرس

  • بالعربي الفصيح

كتب/خالد أبو زاهر:25/1/2022 – معروف أن اللوائح هي الناظم لأي بطولة، ومعروف أن كل بطولة لها لوائحها الخاصة المختلفة عن لوائح بطولات أخرى لدول أخرى بعيداً عن المساس بقانون اللعبة الشعبية الأولى في العالم.

ولأن اللوائح ناظمة ومُلزمة لكل مُشارك في البطولة، فمن الطبيعي أن يستوعبها الجميع وأن تكون القاسم المشترك في العدل والظلم، وأن تكون مقياس لمدى الاحترافية حتى لو كان ذلك على حساب بعض الأمور التي تجرحني كإنسان.

فقد أوجعني أن يتم منع حارس مرمى منتخب جُزر القمر من المشاركة في مباراته أمس أمام الكاميرون منتخب الدولة المُستضيفة لبطولة كأس أمم أفريقيا، وهو الحارس الوحيد من بين الحراس الثلاثة واللاعبين الأحد عشر الذين حُرموا من المشاركة في المباراة بسبب تعرضهم للإصابة بفايروس كورونا، حيث أن المسحة التي تمت قبل ساعات من موعد المباراة أثبتت سلبية الإصابة.

فقد قامت اللجنة المنظمة بتطبيق اللوائح بحذافيرها دون منح استثناء لمنتخب دولة عانى ويُعاني لا سيما وأنها المرة الأولى التي يُشارك فيها في نهائيات البطولة، والمرة الأولى التي يتأهل فيها لدور الـ16 فيما خرجت الجزائر حاملة اللقب.

إن تطبيق اللوائح بحذافيرها دون إعطاء هامش من الروح مثلما يتم تطبيقه بما يُعرف بـ”روح القانون”، يجعل من الآراء حول هذه القضية تتباين، فهناك من يعتقد أن هذا الأمر غير منطقي وغير مقبول وفيه ظلم واضح وصريح وأمور خارجة عن الروح الرياضية، لا سيما وأن جزر القمر أمامه قائمة من (12) لاعباً لخوض المباراة.

وهنا من يسأل هل من الروح واللباقة الرياضية أن يتم التعامل مع جُزر القمر بهذه الطريقة التي تنم عن الاستخفاف بها وبمشاركتها وبعلمها وبسيادتها وبعلمها، لا سيما فيما يتعلق بأحقية مشاركة حارس المرمى الذي ثبت عدم إصابته بالكورونا؟

 

كنت أتمنى لو أن منتخب جُزر القمر اعتذر عن استكمال مشواره في البطولة لسببين، الأول المتعلق بالقيم والمبادئ، حيث لا يجوز أن تتم معاملته بهذا الطريقة لا سيما بخصوص أحد حراس المرمى الثلاثة بعدما كشف التحليل الأخير عن سلبية عينة “كورنا”.

وأمام كل هذه الأسئلة وهذه التفسيرات وهذه الآراء، فاجأنا منتخب جُزر القمر الذي لعب بحارس مرمى من مدافعيه، بالخروج خاسراً بفارق هدف، بعد انتهاء المباراة بنتيجة (2-1) لصالح  الكاميرون، وهي النتيجة غير المنطقية لفريق مرشح للفوز باللقب مع فريق منقوص من نصف لاعبيه، والمنقوص من أحد عناصر التشكيلة الأساسية بسبب الطرد بالبطاقة الحمراء.

لقد أثبت منتخب جُزر القمر أن الإرادة والعزيمة من جهة، واحترام القوانين واللوائح من جهة أخرى، واحترام نفسها قبل منافستها، أسباب مهمة من بين أسباب الظهور بصورة جيدة بل ممتازة في المباراة الكبيرة التي كان فيها منتخبها ند قوي للكاميرون صاحبة الألقاب الخمسة لكأس أمم أفريقيا.

لقد علمتنا جُزر القمر أن المستحيل ليس له مكاناً في ملعب كرة القدم، فهي المتأهلة لأول مرة في تاريخها لنهائيات البطولة الكبيرة، فتفاجئ الجميع بتأهلها لدور الـ16 في وقت غادرت فيه منتخبات كبيرة مثل الجزائر حاملة اللقب.

لقد علمتنا جُزر القمر التحدي بكرامة، وذلك من خلال قرارها بخوض اللقاء مهما كلفها الأمر، ولديها كل الأعذار لو اعتذرت عن المباراة، فليس لديها حارس مرمى، وليس لديها سوى لاعبين اثنين احتياطيين.

الأهم من ذلك أن منتخب جُزر القمر علمنا درساً قد لا تُتاح لنا فرصة تعلمه في مكان وزمان آخر، فقد قررت أن تخوض المباراة متجردة من أي خوف تعرضها لخسارة كبيرة أمام منتخب البلد المُضيف أولاً وأمام البلد الذي يحتل المركز الثاني في قائمة الأكثر فوزاً بلقب البطولة.

تأكد تماماً أنك تستطيع مواجه اعتى الأمواج بالروح والصبر والعزيمة والإرادة والعقل والتخطيط، ولا تستطيع مواجهة أصغر الكائنات الحية بالخوف، فالخوف وحده كفيل بهزيمة صاحبه من الداخل.

عليك أن تتعلم أن بناء الفرق والمنتخبات لا يعتمد فقط على اختيار العبين والنجوم وزيادة الإمكانات، هو يعتمد أصلاً على زراعة الروح وتعزيز العزيمة والثقة بالفوز والمواجهة القوية مهما كان حجم وإمكانات المنافس.

لا تهرب من المسؤولية، واجهها بقوة وثقة، حينها سيحترمك الجميع.

شاهد أيضاً

آرسنال مانشستر سيتي الدوري الإنجليزي

آرسنال يُحقق فوزه الأول على السيتي منذ 2015

لندن -2023/10/8- حقق فريق أرسنال انتصاراً معنوياً كبيراً وهاماً أيضاً على مانشستر سيتي بهدفٍ نظيف …